تقرير خاص من موقع تداول حلال
في ظل تسارع التغيرات في المشهد المالي العالمي، كشف تقرير تحليلي جديد، اطلع عليه فريق "تداول حلال"، عن تصاعد اتجاه بعض الشركات الأميركية نحو التحوّل إلى عملة "بيتكوين" كأصل مالي رئيسي في ميزانياتها العمومية، في خطوة تثير جدلًا شرعيًا ومخاوف مالية عميقة.
بحسب التقرير، فإن النهج المالي التقليدي يدعو الشركات إلى إعادة الفوائض النقدية إلى المساهمين، ليتصرفوا فيها وفق مصالحهم الاستثمارية.
لكن بعض الشركات الكبرى، مثل "آبل" وبيركشاير هاثاوي"، احتفظت بمليارات الدولارات كأرصدة نقدية خاملة، دون اعتراض من المساهمين.ومع ذلك، فإن التوجّه الجديد المقلق هو لجوء بعض الشركات إلى التحوّل عن الدولار الأميركي والاحتفاظ بعملة بيتكوين بدلاً من ذلك، مما يُدخل الشركات في دائرة المخاطرة العالية والمضاربة غير الشرعية.
تصدرت شركات مثل:
هذا المسار الجديد، إذ ضخّت بعضها مليارات الدولارات في "بيتكوين"، كوسيلة بديلة عن الاحتياطيات التقليدية.
وقد كشفت شركة "ترامب ميديا" عن جمع 2.5 مليار دولار بهدف استخدام البيتكوين كأصل مالي، فيما تمتلك "إستراتيجي" حاليًا ما يُعادل 64 مليار دولار من البيتكوين.
يرى الخبراء في موقع "تداول حلال" أن الشركات تتذرع بثلاث حجج أساسية لتبرير قراراتها، وهي:
تعتبر بعض الشركات أن البيتكوين أصل قابل للربح السريع، إلا أن هذا التوجه يُخالف ضوابط الاستثمار الإسلامي الذي يرفض المقامرة والتقلبات الحادة.
ومن الناحية الاقتصادية، يستطيع المستثمر الفرد شراء البيتكوين عبر الصناديق أو المحافظ الرقمية مباشرة دون تحويل الشركات إلى أدوات مضاربة.
بعض الشركات، وعلى رأسها "إستراتيجي"، تلجأ إلى إصدار سندات قابلة للتحويل وأسهم ممتازة بغرض تمويل شراء البيتكوين.
وهو نهج يتناقض مع مبدأ الشفافية والوضوح في التعاقد المنصوص عليه شرعًا، ويثير مخاوف حول استغلال الأسواق دون حماية حقيقية للمستثمرين.
يعبّر بعض القادة التنفيذيين عن تبنّيهم لبيتكوين كبديل للعملات الوطنية، بل ذهب مدير شركة "سترايف" إلى تشبيه شركته بـ"بيركشاير هاثاوي الخاصة بالبيتكوين"، وهو توجه يخلط بين القناعات الفكرية والممارسات الاقتصادية المشروعة، وقد يؤدي إلى استنزاف أموال المستثمرين بلا مرجعية رقابية واضحة.
تسعى شركات مثل "ترامب ميديا" إلى استخدام البيتكوين في تمويل اشتراكات المستخدمين وسك رموز رقمية خاصة، فيما تعمل "رامبل" على تطوير محافظ تشفيرية ضمن باقتها المستقبلية.
وقد أعلنت شركة "سترايف" عن خطة لجمع 1.5 مليار دولار لتوظيفها في ما وصفته بـ"استراتيجيات تفوق السوق"، تشمل شراء شركات منخفضة السيولة وتحويلها إلى حيازات من البيتكوين، في خطوة تُعد إعادة هندسة للقيمة بطرق غير شفافة.
يؤكد محللو "تداول حلال" أن هذا التوجه لا يمكن اعتباره استثمارًا شرعيًا أو مؤسسيًا مسؤولًا، بل هو رهان محفوف بالمخاطر.
إذ أن غالبية المستثمرين ما زالوا يفضلون الأصول التي تولّد تدفقات نقدية مستقرة، وليس أصولًا افتراضية متقلبة تفتقد للغرض الاقتصادي الحقيقي.
كما أشار التقرير إلى أن سهم "إستراتيجي" يتم تداوله حاليًا بأكثر من 1.6 ضعف قيمة بيتكوين التي تمتلكها، وهو ما يدل على أن السوق في حالة فقاعة جزئية، تُسوّق البيتكوين كمصدر ربح وهمي.
يُحاول البعض الترويج لفكرة أن تحويل "بيتكوين" إلى أصل مالي في الميزانية العمومية للشركات يعطيه شرعية ضمنية، باعتباره أشبه بـ"الذهب الرقمي". إلا أن فريق "تداول حلال" يؤكد أن الاعتراف المحاسبي لا يعني بالضرورة المشروعية الشرعية.
فالمال في الإسلام يُقيَّم بمنفعة حقيقية، واستقرار نسبي، وقبول عام في التداول، بينما تفتقر "بيتكوين" إلى هذه الخصائص، إذ تخضع لتقلبات مفرطة وتحكمها المضاربة.
أصدرت هيئات شرعية معتبرة مثل مجمع الفقه الإسلامي الدولي وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) تحذيرات واضحة من التعامل بالبيتكوين كأصل مالي.وترى هذه الهيئات أن العملات المشفرة، بما في ذلك بيتكوين، لا تفي بشروط المال الشرعي، بسبب:
على المستثمر الخليجي، الذي يُولي اهتمامًا كبيرًا للامتثال الشرعي، أن يتأنّى قبل الدخول في أي شراكة أو شراء أسهم شركات تستبدل النقد بالبيتكوين.فقد تنعكس هذه الممارسات على:
وهنا تظهر الحاجة إلى منصات مثل "تداول حلال" التي تُقدّم تقييمًا شرعيًا وماليًا موثوقًا للكيانات النشطة في مجال الأصول الرقمية.
شركة "إستراتيجي" (MicroStrategy سابقًا) باتت تُعرف بأنها الخزينة الأكبر للبيتكوين في العالم، وقد سعت شركات أخرى لتقليد نموذجها اعتقادًا بأنه يُحقّق مكاسب سريعة.لكن التحليل الشرعي والاقتصادي لفريق "تداول حلال" يُبرز أن:
كل هذه العوامل تجعل النموذج أقرب للمضاربة منه للاستثمار الحقيقي المستدام.
كثيرًا ما تُقدَّم بيتكوين بلغة أيديولوجية على أنها ثورة على الأنظمة المالية التقليدية، أو وسيلة لـ "استعادة الحرية الاقتصادية". إلا أن هذه السردية، من منظور "تداول حلال"، لا تصمد أمام الحقائق الشرعية والمالية.فالعملة التي تُستخدم في:
لا يمكن اعتبارها بديلًا مشروعًا أو مستدامًا للنظام المالي القائم على العدل، الشفافية، والتوازن الذي دعا إليه الإسلام.
عند فحص الشركات من منظور الحوكمة الإسلامية، يُراعى:
وبالتالي، فإن الشركات التي تبني نموذجها المالي على المضاربة الرقمية تفقد الكثير من نقائها الشرعي، ولا يُوصى بالاستثمار فيها إلا بعد تحقق دقيق يُراعي الضوابط الشرعية والاستثمارية، وهو ما توفره بوابة "تداول حلال" من خلال أدوات التصنيف والتحليل.
يوصي فريق "تداول حلال" بما يلي:
"في عالم سريع التحوّل، يجب أن نُفرّق بين الابتكار المالي المشروع، وبين المقامرة المقنّعة التي تُباع على أنها استراتيجية استثمارية.
وبيتكوين، رغم أهميتها التقنية، لا تزال تفتقد إلى الضوابط الشرعية والشفافية التي تُميز الاستثمار الإسلامي."
موقع تداول حلال يؤكد على أهمية التعامل مع العملات الرقمية ضمن إطار رقابي شرعي واضح، ويحذر المؤسسات من الانخراط في نماذج استثمارية لا تولّد قيمة حقيقية ولا تستند إلى أصل مملوك أو منفعة اقتصادية مستمرة.